استضافت الوكالة الوطنية لتنظيم الاتصالات (ANRT) في العاصمة الرباط، المغرب، مدرسة الشرق الأوسط والدول المجاورة حول حوكمة الإنترنت في إصدارها السادس وذلك في الفترة الممتدة ما بين 8 إلى 12 جويلية 2019. تم تنظيم هذا الحدث بالشراكة مع مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المُخصصة (ICANN)، مجتمع الإنترنت (Internet Society)، معهد العالم العربي للإنترنت (Arab World Internet Institute)، ومجموعة أخرى من المؤسسات الشريكة.
تضمّن البرنامج تدريباً مكثّفاً لمدة 5 أيام، تم خلالها مناقشة أهم المواضيع المتعلقة بإدارة وحوكمة الإنترنت على المستوى الإقليمي والعالميّ، وبمشاركة مختلف الأطراف من القطاع العام، الخاص، الأكاديمي، المجتمع التقني والمجتمع المدني. إلى جانب ذلك، تم تزويد المشاركين بأدوات عملية ودراسات واقعّية لقضايا مطروحة متعلّقة بالانترنت، من أجل مساعدتهم على فهم الجوانب الرئيسية لإدارة ومبادرات الإنترنت وإبرازها من أجل الوصول إلى المعرفة الواسعة والمنظمة حول مختلف جوانب إدارة الإنترنت، وسياساته، والجهات الفاعلة التي تشارك في تشكيله.
ناقش البرنامج خلال الخمسة أيام مختلف المواضيع بما فيها: تطوّر حوكمة الانترنت، دور أصحاب المصلحة المتعددين في حوكمة الإنترنت، أهم القضايا والمسائل المطروحة إقليمياً وعالمياً ، والتحديّات المستقبلية المتعّلقة بفضاء الإنترنت.
شاركت ديما سمارو، باحثة ومساعدة قانونية في أكسس ناو، في طرح أهم القضايا المتعلقة بحوكمة الإنترنت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقدّمت عرضاً وشرحاً عن استخدام الرقابة على الانترنت كواحدة من التحديات التي تشهدها المنطقة. تضمن العرض تعريفاً عن مفهوم الرقابة، الجهات التي قد تمارسها وطرق وآليات استخدامها مثل جمع المعطيات الشخصية عن الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، استخدام تقنية الذباب الإلكتروني، الهندسة الاجتماعية وغيرها من الأساليب التي تؤثر في مجملها سلباً على الحقوق والحرّيات الأساسية مثل حرية التعبير عن الرأي، الوصول إلى المعلومة، الحق في الخصوصية وبذلك التأثير على مشاركة الأفراد والإبداع والتطور الاجتماعي والاقتصادي.
تأتي أهمية طرح هذا الموضوع نظراً لما شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مؤخراً من حالات متعددة للرقابة عبر منّصات التواصل الاجتماعيّ؛ إذ تم سن أو تعديل عدّة قوانين من شأنها تعريض مستخدمي الانترنت والمعارضين والصحفيين للاستهداف أو الرقابة وبالتالي قمعهم واسكاتهم ومنعهم من إيصال أصواتهم، وغالباً ما يتم إدراج نصوص فضفاضة وواسعة ضمن قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية أو قوانين مكافحة الإرهاب بحجة حماية “الأمن القومي”.
كما ركّز الحوار على التأثيرات العكسية والسلبية للرقابة عبر الإنترنت من مختلف النواحي القانونية، الاقتصادية والاجتماعية خاصة فيما يتعلق باتخاذ إجراءات تعسفيّة والمسائلة القانونية لمستخدمي الانترنت، كما هو الحال في البحرين. إلى جانب ذلك، تم التطرق إلى الحديث عن سياسة السماح بحجب المواقع الإلكترونية وإغلاق بعض المنصات الرقميّة أو المواقع الإلكترونية كما هو الحال في مصر؛ إذ أن مختلف هذه السياسات والتكتيكات تهدد بشكل خاص المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين للأنظمة الاستبدادية الموجودة في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كما تجدر الإشارة إلى أنّه حسب تقرير “فريدم هاوس” فإن المغرب تعد بلد حر جزئياً، لذلك، ومن أجل الوصول إلى إنترنت حر، يجب أن تعتمد الحكومة نهج العمل بمبادئ حقوق الإنسان بما في ذلك حريّة الصحافة وحرية التعبير عن الرأي. ومع ازدياد التطّور التكنولوجي في العالم وتأثيره بالتالي على المنطقة، فإن التحديات والمعرفة بأساسيات ومكنونات فضاء الانترنت جزء مهم وضروريّ. إذ أنّ مدرسة حوكمة الإنترنت ساهمت في جمع مشاركين من خلفيات وخبرات مختلفة للمساهمة والمشاركة معاً في خلق حوار فعّال لدراسة تأثير الانترنت على الجوانب السياسية، الاجتماعية والاقتصادية في مجتمعاتنا من أجل رسم استراتيجيات وأهداف وتوصيات توحد رؤيتنا لفضاء الانترنت. حر، مفتوح ومتاح للجميع.