البحرين: اتخاذ إجراءات تعسفيّة والمسائلة القانونيّة لمن يقوم “بإثارة الفتنة” عبر تويتر

في 31 ماي، تلقى عدد كبير من المواطنين في البحرين، رسائل نصيّة قصيرة على هواتفهم المحمولة من قبل إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، تفيد بأنّ كل شخص يقوم بمتابعة الحسابات التي من شأنها إثارة الفتنة وانتقاد الحكومة على شبكات التواصل الاجتماعيّ، Twitter، سيكون معرضاً للمسائلة القانونية. وفي اليوم التالي، أعلنت وزارة الداخلية البحرينية أنّ: “إعادة بث ما تنشره الحسابات التحريضية والمثيرة للفتنة أو تقديم الدعم والتأييد من خلال التعليقات المؤيدة لأصحاب هذه الحسابات وما تنشره من مواد مثيرة للفتنة يعرض الفرد للمساءلة القانونية”.

يعتبر هذا الإجراء جزء من حملة صارمة جديدة على المعارضة السياسية في البحرين، حيث كثفت البحرين حملتها ضد المعارضين والناشطين في الأشهر الأخيرة، وأوضحت أنها ستعاقب المعارضة على الإنترنت بالسجن إلى جانب غرامات كبيرة. كما قامت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في 01 جوان باستدعاء الكاتب والصحفيّ عقيل سوار، عقب تعبيره عن رفضه لموقف الإدارة بعد نشرها التغريدة آنفة الذكر.

أمّا بالنسبة للإطار التشريعي الذي يتم محاكمة أو إسناد التهم على أساسه، فإن القانون المعمول به هو قانون الجرائم الإلكترونية في سبتمبر 2014، حيث ينظم هذا القانون جرائم تكنولوجيا المعلومات في البلاد. كما يكمّل القانون هيئات قانونية أخرى تشمل: تنظيم وسائل الإعلام، الاتصالات السلكية واللاسلكية وقوانين مكافحة الإرهاب.

ورغم أنّ قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لا يجرم في حد ذاته حرية الفكر والرأي والتعبير على الإنترنت، الاّ أنه يسمح بمحاكمة المتهمين في قضايا حرية التعبير، لأنه يكمل قانون تنظيم وسائل الإعلام لعام 2002 وخاصة نص المادة (70) التي يتم إسناد التهم على أساسها، والتي تمنح السلطات درجة كبيرة من السلطة التقديرية في تطبيق أحكامها مثل ما يتضح في قضية الناشط في حقوق الإنسان نبيل رجب وعبدالله السنجاسي، على الرغم من أن القانون الأساسي في البحرين قد نص صراحة في المادة (23) على كفالة وضمان حرية التعبير عن الرأي لجميع الأفراد.

 

كما منح القانون منظمات حكومية متعددة بما فيها وزارة الداخلية ووزارة شؤون الإعلام الحق في حجب أي موقع إلكتروني دون الحاجة للحصول على أمر قضائي من المحكمة، في حال كان الموقع الإلكتروني يتضمن انتقاد للحكومة او للعائلة المالكة أو الوضع الراهن وغيرها من الحالات التي بدورها تشتمل على مصطلحات غامضة كما حصل في جريدة الوسط.

 

إلى جانب ذلك، فقد يتم أيضاً استغلال قانون مكافحة الإرهاب لاسناد التهم بحق الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ففي تاريخ 23 مايو 2019، صادق ملك البحرين على تعديل القانون رقم 58 لسنة 2006 الخاص بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية. وبموجب هذا التعديل، تم استبدال نص المادة 11 لتصبح: “يعاقب بالسجن مدة لاتزيد على خمس سنوات وبالغرامة التي لاتقل عن الفي دينار بحرينيّ ولاتزيد على 5 آلاف دينار كل من قام بأية وسيلة بالترويج أو التمجيد أو التعظيم أو التبرير أو التحبيذ أو التشجيع لأعمالٍ تشكل نشاطاً إرهابياً معاقباً عليه، سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها.” مما تجدر ملاحظته أنّ التعديل جاء بصيغة واسعة وفضفاضة، حيث لم يتم تحديد أو إدراج تعريف واضح لأي وسيلة من وسائل إثارة الفتنة التي نصّ عليها القانون. بناءاً على ذلك، فإن استغلال الغموض في النص يمكن أن يستخدم لاستهداف وإسكات ناشطي ومستخدمي الإنترنت وملاحقتهم قضائياً في كل من داخل وخارج البحرين وبالتالي التأثير سلباً على حرية التعبير والإبداع والابتكار وخلق مجتمع ديقراطيّ على الإنترنت وخارجه. إذ أنّ مؤشر حريّة الإنترنت في البحرين قد يتراجع نتيجة لاتخاذ هذه الإجراءات التعسفيّة بحق مستخدمي الإنترنت، حيث تعد البحرين بلد غير حر على الإنترنت.

 

الخطوات القادمة:


تدعو منظمة أكسس ناو دولة البحرين، بأن لا تجعل هذه القوانين وسيلة أخرى لقمع حرية التعبير كما تناشدها بمراجعة استراتيجية قوانين جرائم المعلومات وتأثيرها السلبي ليس فقط على الصحفيين ولكن على جميع مستخدمي الأنترنت. إذ يجب أن يتم إعادة النظر في وضع معايير ومفاهيم واضحة خالية من الغموض، عوضا عن قمع الحقوق والحريّات واللجوء إلى الاعتقالات التعسفيّة بحق النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعيّ. فعلى هذه الخدمات أن تكون مفتوحة، متاحة وآمنة للجميع.