في الربع الأخير من سنة 2018، قدّرت عدد الحالات والقضايا المرتبطة بمحاولات قرصنة المواقع الإلكترونية في تونس بما يقارب 80.000 محاولة، الأمر الذي يّدل على أهمية وجود إطار قانوني يعمل على تنظيم وحماية الأمن الرقمي من الانتهاكات السيبرانية المماثلة. إلى جانب ذلك، ووفق إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، فقد احتلت تونس المرتبة 40 في العالم والمرتبة الرابعة على المستوى الإقليمي (دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) من ناحية الأمن السيبراني، مما يعني أنّ مواكبة التقدم والتطور في المجال الرقمي والإقتصادي أصبح حاجة ملّحة و ضرورية.
وبناءاً على ذلك، في 14 أوت 2018، قامت وزارة تكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي بتونس بتبني مشروع قانون مجلة الاتصالات الإلكترونية والذي سيستبدل قانون عدد 1 المؤرخ في 15 جانفي 2001 والمتعلق بإصدار مجلة الاتصالات.
في 13 سبتمبر 2018، أعلنت وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي بتونس عن فتح باب الاستشارة العامّة الثالثة بشأن مراجعة وتقديم مقترحات وتعليقات لغايات تصحيح أو تحسين أو إضافة عناصر فيما يخص مشروع قانون مجلة الاتصالات الإلكترونية، وذلك في موعد أقصاه 30 أكتوبر 2018.
في هذا الإطار، شاركت أكساس ناو بتقديم مجموعة من التعديلات والاقتراحات من خلال الاستناد إلى مراجع قانونية محلية مثل المرسوم 115 لسنة 2011 (المرسوم رقم 115/2011) بشأن الصحافة والطباعة والنشر والمرسوم 116 لسنة 2011 (المرسوم رقم 116/2011) بشأن حرية الاتصال السمعي البصري وإنشاء هيئة عليا للاتصال السمعي البصري، المؤرخان بتاريخ 2 نوفمبر 2011.
كما قمنا بالاستعانة بآراء خبراء ومختصين دوليين في مجال الأمن الرقمي والحقوق الرقمية، إضافة إلى مراجع قانونية دولية كالاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل الاتفاقية رقم 108 لمجلس أوروبا المتعلقة بحماية الأشخاص تجاه المعالجة الآلية للمعطيات الشخصية، وبروتوكولها الإضافي رقم 181 الخاص بسلطات المراقبة و انسياب وتدفق المعطيات عبر الحدود، إضافة الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 واللائحة العامة الأوروبية المتعلقة بحماية المعطيات الشخصيّة (GDPR)، والتي بالرغم من عدم الزامية التّقيد بأحكامها، الاّ أنّه وبموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تعد تونس طرفاً فيها ونظراً للعلاقات الاقتصادية القوية بين تونس والاتحاد الأوروبي، فإن التوافق مع اللائحة يُعد من سُبل تحسين وتطوير العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي .
وفق قراءتنا للنصوص القانونية المُدرجة في مشروع قانون مجلة الاتصالات الإلكترونية مقارنة بالقانون عدد 1 المؤرخ في 15 جانفي 2001 والمتعلق بإصدار مجلة الاتصالات، فإن مشروع هذا القانون يشكل نقلة نوعية ونقطة تحول مهمة في مجال الأمن والحماية الرقمية، إذ تَغيّرَ الإطار القانوني من كونه تشريع ينظم قطاع الاتصالات إلى تشريع يتناول تفاصيل أكثر توّسعاً في تعريف المفاهيم الخاصة بالأمن السيبراني.
كما تم بموجب مشروع القانون الجديد إحداث أربع هيئات ومؤسسات عمومية جديدة مثل منتدى الانترنت، صندوق التنمية الرقمية، المؤسسة التونسية للتنمية الرقمية،ولجنة خدمات الثقة الرقمية، كما تم إحداث مجالس تابعة للهيئة الوطنية للاتصالات (هيئة التعديل حسب مشروع القانون) وهم مجلس تصرف هيئة التعديل، مجلس المنافسة ومجلس تشاور وتنسيق. كما قامت أكساس ناو بإعداد عرض تقديمي (presentation) يوّضح الهيئات و المؤسسات العمومية المختصة والمكلفة في الاتصالات الإلكترونية، إضافة إلى مواردها المالية وبعض الملاحظات المهمة بخصوصها.
وفي هذا السياق، ترحب جمعية أكساس ناو بالفرصة المتاحة لتقديم هذا التقرير إلى وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي بهدف مشاركتها في النظر في مشروع قانون مجلة الإتصالات الإلكترونية في 14 أوت 2018.
كما نؤكد على أهمية ضمان إشراك مختلف أطراف المجتمع المدني والخبراء المختصين في الأنشطة التي قامت أو تعتزم وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي القيام بها على صعيد الحريات الأساسية أو حتى في المسائل التقنية، وذلك لضمان الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة سواء فيما يتعلق بتقوية ومتانة النصوص القانونية من جهة، وتوافق مشروع القانون مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية من جهة أخرى.