في 9 أفريل 2017، بعد هجوم إرهابي على الكنائس المسيحية، أعلنت مصر “حالة الطوارئ”، مما أعطى بصفة مباشرة السلطات (القوات المسلحة والشرطة والرئيس) سلطة فرض رقابة ورصد جميع أشكال الاتصال عبر الإنترنت. في 24 ماي 2017، قامت هيئة مجهولة حتى الآن داخل الحكومة المصرية بحجب 20 موقعا على الأقل معظمها مواقع ذات محتوى صحافيا أو إعلاميا باستثناء موقعين فقط.
لاحقا ظلّ عدد المواقع في ارتفاع بما في ذلك المواقع الإخبارية المستقلة التي نشرت مقالات تنتقد الحكومة المصرية، مثل مدى مصر، المنصة و ديلي نيوز مصر. وتشمل المواقع الأخرى المحظورة أخبارا دولية مثل الجزيرة العربية و هافينغتون بوست أرابيك. شمل الحجب أيضاً مدونات مصرية معروفة كانت قد حذرت من قبل منذ تولي السيسي الحكم بأنه يعيد بناء نظام مبارك.
في غضون 3 أشهر، توسع الحجب حيث حجبت السلطات المصرية مواقع تقدم محتوى يتعلق بحقوق الإنسان و المجتمع المدني، مثل موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ومنظمة مراسلون بلا حدود والمفوضية المصرية لحقوق والحريات و مرصد صحفيون ضد التعذيب ،وموقع منظمة هيومان رايتس واتش في 7 سبتمبر 2017، أي بعد يوم واحد من إصدار المنظمة تقريرا وثق الاستخدام المنتظم للتعذيب في سجون البلاد.
ولم يقتصر الحجب مواقع إخبارية فقط وإنما تمادى إلى حظر 261 موقع ويب VPN و بروكسي في 29 أوت يليه 17 موقع ويب آخر. بين مواقع VPN المحجوبة هي ”تونلبير”، ”سيبيرغوست”، ”هوت سبوت شيلد” وغيرها الكثير. إلى جانب المواقع الإلكترونية تم حجب تطبيقة الرسائل المشفرة signal في سبتمبر الماضي.
وصل عدد المواقع المحجوبة إلى 500 موقعاً تقريباً بعد مرور سنة تقريباً من بداية عمليات الحجب وتواصل الحكومة المصرية توسيع حالة الطوارئ التي تفتح الباب أمام الحكومة لمراقبة وسائل الإعلام بحجة حماية مصر من الهجمات الإرهابية ولم تقدم الحكومة حتى هذه اللحظة أي تعليق على سبب هذا الانسداد.
الانتخابات الرئاسية ستجري وسط رقابة صارمة على الانترنت و انتهاز للمجتمع المدني:
مع مختلف التقلبات، تفاقمت القيود على المجتمع المدني وتم حظر العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية من السفر أو جمدت أرصدتهم على سبيل المثال
إلى جانب ذلك، بلغ عدد الصحفيين المحبوسين أثناء تولي السيسي لمنصبه إلى 19 صحفيًا، وهو يعد الأكبر منذ اعتقالات سبتمبر عام 1981 في حكم الرئيس الأسبق أنور السادات.
في مارس 2018، تقدم مصر على إنتخابات رئاسية ستكون لها آثار جذرية في التنبؤ بمستقبل مصر القادم. كانت فترة الترشحات للانتخابات في مصر فترة حساسة خاصةً بعد إعلان السيسي ترشحه يوم 24 جانفي معززا توكيلات شعبية واستمارات تزكية من أعضاء مجلس النواب. شهدت ساحة الانتخابات والترشيحات في مصر انسحابات و اقصاءات لعدد من المرشحين، خلال الفترة المباحة للترشح حيث أثار ترشح سامي عنان ضجة إعلامية حين تم إحالته على التحقيق بعد ترشحه بتهمة التزوير وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين. و اعتبرته القوات المسلحة مازال ينتمي إلى الخدمة العسكرية كفريق مستدع وأن ترشحه كان سيحدث فرقة بين الشعب والجيش فى هذه المرحلة الحرجة التي تواجهها مصر.
منذ ذلك الحين انطلقت حملات سخرية و إستهزاء ونقد على شبكات التواصل الإجتماعية عبر الهاشتاغ #مينفعش_تترشح_عشان التي عبرت على الظاهرة التي تفشت في الإنتخابات وانسحاب المترشحين الواحد تلو الآخر لترك الساحة للسيسي حيث أن المرشح الوحيد ضد السيسي الآن هو مؤيد للسيسي.
انتهاك الحق في حرية التعبير والدستور المصري:
يعتبر الحق في النفاذ إلى المعلومة والحق في حرية التعبير من الحقوق الأساسية ، وهي حساسة بشكل خاص خلال فترات الانتخابات. فإن الحظر والرقابة على المواقع الإلكترونية لا ينتهك حرية التعبير فحسب ، بل يتعارض أيضًا مع الدستور المصري حيث تنص المادة 57: “تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك”
كما تنص المادة 65 من الدستور المصري على أن “حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”
ووفقاً للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن “لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
وقعت مصر على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) في 04 أوت 1967 وصادقت عليه في 14 جانفي 1982، مما يجعلها ملزمة على تتبع توجيهات لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان واعتبار حجب أكثر من 500 موقع واب وسيلة للقمع والتحكم في وسائل الإعلام وحريات التعبير.