في 25 ماي من العام الماضي، تم التخطيط لتمرير مشروع قانون أساسي عدد 25/2018 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وذلك بالتزامن مع دخول اللائحة البرلمانية لحماية المعطيات الشخصية (GDPR) في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. على غرار ذلك، وبعد مرور عام تقريباً، ما زال مشروع القانون في الربع الأول من مسار تمريره؛ أي لم يحرز أي تقدّم ملحوظ.
وعلى الرغم من الجهود المستمرة من قبل أطراف المجتمع المدني والتي تطالب بضرورة النظر في مشروع القانون المعروض حالياً على لجنة الحقوق والحريات، وتعديل أوجه القصور التي يشملها بما يضمن الحقوق والحرّيات الأساسية على رأسها الحق في الخصوصية والحق في النفاذ إلى المعلومة، الاّ أنّ المشروع لا يزال غير مدرج كأولوية ضمن أجندة مجلس نواب الشعب في تونس.
تأتي أهمية تمرير مشروع القانون نظراً لأهمية وجوب تعديل القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية لسنة 2004 المعمول به حالياً. إذ لابدّ من تعديله لمواكبة التطور مع التشريعات الدولية، كاللائحة الأوروبية العامّة المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية من جهة، ولأهمية تطوير الإطار القانوني من جهة أخرى. كما يجب أن يتم تحقيق الموازنة بين الحقوق والحريات الأساسية في مشروع القانون، تحديداً بين الحق في حماية المعطيات الشخصية والحق في النفاذ إلى المعطيات العمومية.
ولعلّ أهم أسباب تمرير مشروع القانون يعزى إلى حلول السنة الإنتخابية البرلمانية والرئاسية المقررة في أكتوبر ونوفمبر 2019 في تونس. خلال هذه السنة، من المتوقع أن تواجه تونس واحدة من أكثر الفترات الانتخابية تنافساً، وفي حال خوض ودخول البلاد في موسم الانتخابات دون التأكد من ضمان الحريات والحقوق الأساسية كالحق في الخصوصية الحق في حماية البيانات والنفاذ إلى المعلومة، فإن هذا الأمر سيشكّل تهديداً صارخاً لممارسة هذه الحقوق والتي قد ينتج عنها مخالفات كارثيّة وجديّة.
وفي ظل المشهد والأوضاع السياسيّة المتوترة حالياً، فمن الممكن أن يتم استغلال المعطيات الشخصية الخاصة بالمواطنين التونسيين بطرق لا يصعب التكهن بها، سواء عبر إرسال رسائل نصّية قصيرة (SMS) سياسية غير مرغوب بها عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني؛ وذلك باستخدام المعطيات الشخصية لاستهداف الرسائل بطريقة غير عادلة؛ وتوفير بيئة سهلة لجامعي المعطيات الشخصية في استخدام و/أو بيع، و/أو الوصول إلى المعطيات الشخصية الخاصة بالتونسيين والتصرف بها بما يخالف القوانين المعمول بها.
في هذا السياق، تعبّر أكسس ناو عن قلقها تجاه مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية وحول عدم تقديمه كأولوية بين مشاريع القوانين المطروحة. كما تؤكد على ضرورة تفعيل إطار قانوني متين قادر على توفير الحماية اللازمة لمنع اساءة استعمال المعطيات الشخصيّة. ففي كل سنة انتخابية تكون المعطيات الخاصة بالأفراد معرّضة للاختراق وقد يتم بيعها فيما بعد مقابل مبالغ رمزية في الـ dark web وبالنتيجة فإن هذا سيؤدي إلى إحداث خلل في العملية الإنتخابية والتلاعب بأصوات الناخبين لإيصال جهات معينّة إلى مراكز صنع القرار والتأثير على العملية الديمقراطية ومسار العدالة الانتقالية، نظراً لقصور التشريعات التي تعالج هذا الأمر.