أصبح جمع البيانات من خلال تطبيقات الهواتف الذكية أمر بسيط جداً، فيكفي أن تحتوي تلك التطبيقة سياسة خصوصية طويلة ومعقدة حتى يتم تجاهلها من قبل مستخدميها بطريقة عفوية. ويعمد كثيرون إلى إنشاء تطبيقاتهم الخاصة عبر “غوغل بلاي”، غير أن ذلك لا يعني أنها مؤمنة حيث تؤكد اكسس ناو على ضرورة التثبت وقراءة ما يعرض على المستعمل قبل تحميل التطبيقة وتعتبره من أهم الخطوات التي يجب اتخاذها.
نأخذ في هذا المقال أمثلة عن التطبيقات الأكثر إستعمالاً في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الإجتماعي لمعرفة مدى خطورتها إن تم المصادقة على سياسة خصوصيتها.
تطبيق التيك توك Tik Tok
ظهر تطبيق تيك توك Tik Tok الإجتماعي في الفترة الأخيرة بقوة وحقق في مدة سنتين فقط نجاحاً كبيراً. تيك توك هو عبارة عن منصة على الإنترنت يقوم الأشخاص بتصوير أنفسهم بفيديو قصير ويضيفون إليه عدد من المؤثرات الموسيقية مأخوذة من أفلام عربية وأجنبية وغيرها من المواد المتوفرة عبر الإنترنت. ترجع هذه التطبيقة إلى أصول صينية حيث أن الشركة الأم هي لـ Bytedance، و هي شركة خاصة مقرها في بكين وتبلغ قيمتها 75 مليار دولار.
تحظى TikTok بشعبية كبيرة حيث تم تنزيل التطبيق أكثر من 660 مليون مرة في العام الماضي ويستخدمه أكثر من 500 مليون شخص على مستوى العالم شهريًا. في الظاهر يمكن أن يتسنى لنا أن هذه التطبيقة هي فقط التسلية والتعبير على مواقع التواصل الإجتماعي، لكن ما يجهله العامة هو أنا هذه التطبيقة تشكل مخاطر عديدة تشمل جمع البيانات والإستغلال الجنسي وحتى البيدوفيليا.
وأجدر مثال على ذلك هو مثال الجزائر حيث حذرت وزارة التربية الوطنية في الجزائر من مخاطر تطبيق التيك توك بنشرها لبيان على صفحتها على فيسبوك في إطار “الوقاية من المخاطر التي تنجر عن الاستعمال السيء لشبكات التواصل الاجتماعي، لا سيما التطبيق المسمى ‘Tik Tok’.. والذي يشكل خطرا محدقا على فئة القصر…”.
و وفق صحيفة الجارديان، هناك لجنة خاصة في بريطانيا حالياً تدرس كيفية قيام تيك توك بجمع البيانات أو المعطيات الشخصية لدى مستعمليها وقامت بطرح العديد من الأسئلة حول مكان تخزين هذه المعطيات ومآلها حيث عبرت هذه اللجنة عن مخاوفها أيضاً بشأن نظام الرسائل المفتوحة، والذي قد يسمح للمستخدمين بالاتصال بالأطفال. كما يخصص التحقيق جزءًا يتعلق باللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) وإمكانية خرقها حيث تنص اللائحة بضرورة وضع حماية خاصة للمستخدمين القُصّر وتزويدهم بخدمات مختلفة عن البالغين.
علاوة على ذلك وحين يتم إنشاء حساب على هذه التطبيقة، يكفي أن تملك بريد إلكتروني لتتصفح كل ما يحدث بين المستخدمين علماً وأن الشركة مالكة التطبيق «تنصح» بألا يقل عمر المشتركين عن 13 سنة. ولكن هل من إجراءات لضمان ذلك؟
تطبيق الفيس آب FaceApp
تم إطلاق تطبيق FaceApp لأول مرة بواسطة مطوّر برمجيات روسيّ في عام 2017، ولشركة مالكة تدعى Wireless Lab. أمّا مؤخراً، فقد انتشر بشكل واسع وكبير استخدام هذا التطبيق، وبلغ عدد المستخدمين له أكثر من 80 مليون مستخدم حيث يسمح لمستخدمي الإنترنت بالتحكم ورؤية مظهرهم بلون شعر أو لون العينين أو كجنس مختلف، أو حتى بمرحلة عمرية متقدّمة في السن; إذ أنّ التطبيق يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لإنشاء عرض لما قد تبدو عليه خلال عقود قليلة على جهاز iPhone أو Android.
كما تصدّر التطبيق قائمة التطبيقات الأكثر تحميلاً مرة أخرى هذا الأسبوع، بعد أن شارك عشرات المشاهير والشخصيات البارزة ومستخدمي الانترنت في استخدامه لمعرفة مآل المظهر الذي سيبدو عليه كل منهم في مرحلة عمرية متقدمة. وبالنتيجة، فإنّ هذه الزيادة الكبيرة من الاهتمام والاستخدام أثارت بدورها مخاوف من أنّ FaceApp يجمع بانتظام صور المستخدمين، حيث أنّ صور الأشخاص الذين يقومون بتحميل صورهم إلى هذا التطبيق تنتقل إلى خادم يتحكم فيه مطوّر البرنامج، مع إمكانية القيام بإجراء معالجة للصورعن بُعد، وليس على هواتف المستخدمين.
كما أنّ هذه المخاوف ازدادت من خلال الوعي المتزايد بقضايا انتهاك الخصوصية على الإنترنت في السنوات الأخيرة، وحقيقة أنّ المطّور التقني للتطبيق من روسيا، وأنّ سياسة الخصوصية واستعمال الخدمة جاءت بلغة فضفاضة وغير واضحة. على سبيل المثال، تنص سياسة الخصوصية في التطبيق على موافقتك بإعطاء التطبيق الحق في الحصول على معلوماتك، من ضمنها:
- معطياتك أو بياناتك الشخصية، بما فيها اسمك، عنوان بريدك الإلكتروني وكافة المعلومات التي تقوم بمشاركتها أو استخدامها عند التسجيل في هذا التطبيق.
- جميع المعلومات التي يقوم هاتفك، الذي قمت بتحميل التطبيق عليه، بإرسالها بما فيها صفحات الويب التي تقوم بزيارتها والإعلانات وغيرها من المعلومات التي “تساعد في تحسين التطبيق”.
- من خلال موافقتك على سياسة الخصوصية، فإنك توافق على مشاركة بياناتك مع الشركة المالكة للتطبيق والجهات الخارجية الأخرى المرتبطة لغايات تحسين استعمال الخدمة عن طريق استخدام بياناتك من أجل تقديم تقارير أو محتوى مخصص أو إعلانات.
- من خلال تحميلك للتطبيق فإنك تعطي الصلاحية للشركة المالكة في الوصول إلى هاتفك الشخصي أو الجهاز الذي قمت بتحميل التطبيق عليه، وجمع معلومات عنك ومراقبته.
- كما أنك تسمح بمشاركة معلوماتك وبياناتك الشخصية مع المؤسسات والجهات الخارجية التي تساعد التطبيق في تقديم الخدمة لك. ففي هذه الحالة سيتم منح مزودي خدمة الإنترنت إمكانية الوصول إلى المعلومات الخاصة بك بشكل معقول “بموجب شروط سرية معقولة”.
- ولعّل أهم البنود المتعلقة بسياسة استعمال الخدمة وسياسة الخصوصية لهذا التطبيق، أنّه وفي حالة تم البيع الكليّ أو الجزئيّ للتطبيق، ولأي جهة كانت، فإن جميع المعلومات التي تم جمعها عن كافة المستخدمين قد تكون من بين تلك العناصر المباعة.
إلى جانب ذلك، فهناك العديد من البنود الأخرى التي تقبل التأويل والتي يمكن تفسيرها على أنها تسمح بانتهاك الحق في حماية خصوصية مستخدمي الانترنت بمختلف الطرق. إذ لم تتضمن الشروط أو السياسة أي بند يكفل حق الأفراد في طلب التعويضات عن أي أضرار تلحق بهم جراء التصرف في بياناتهم، أو تقديم أي ضمانات أخرى تمّكن الأفراد من السيطرة على بياناتهم الشخصية والتحكم بها. بل على العكس، فإن مصير البيانات الشخصية لجميع مستخدمي هذا التطبيق غير واضحة، ومدة الاحتفاظ بها غير معروفة، كما أن الأشخاص المسؤولين عن معالجة بياناتك هو أيضاً غامض والشركة المالكة لا تمتلك موقعاً رسمياً على شبكة الانترنت، ولا يوجد أي معلومات كافية عنها أو عن طاقمها الإداري.
لا تقتصر هذه الثغرات والإنتهاكات على تطبيق التيك توك او الفيس آب، إنما هي تشمل الكثير من التطبيقات والمنصات الإجتماعية بما في ذلك الفيسبوك وحادثة الكامبردج أناليتيكا إلى جانب خروقات البيانات الهائلة من قبل شركات التكنولوجيا مثل اوبر و جوجل بلاس أين يتم مقاضاة هذه الشركات بملاين الدولارات. تُظهر هذه القصص الحاجة الملحة لجميع الدول حول العالم لاتخاذ إجراءات لحماية خصوصية المستخدمين حتى نتمكن من استعادة السيطرة على معلوماتنا الشخصية.