في 1 نوفمبر، نظّمت كل من اليونسكو وأكساس ناو لقاء تفاعلي تحت عنوان “مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية في ضوء حق النفاذ إلى المعلومة” بحضور أصحاب المصلحة بما في ذلك المجتمع المدني وأعضاء البرلمان ورؤساء الهيئات المستقلة وخبراء مختصين من بلدان مجاورة.
دار اللقاء حول ثلاثة جلسات نقاش وذلك للتأكيد على أهمية تمرير مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية في تونس ومناقشة بعض الفصول في مشروع القانون التي لها ارتباط وثيق بحق النفاذ إلى المعلومة.
وعليه تم توجيه الدعوّة إلى الجميع من أجل مشاركة آرائهم بخصوص موضوع النقاش، الأمر الذي فتح الباب أمام مختلف أطراف المجتمع المدني للمشاركة في إثراء النقاش حول حماية المعطيات الشخصية. إذ أنّ مشاركة مختلف الأطراف تعدُّ حاجة ضرورية لبناء وتشكيل وعي وطني لبيان أهمية حماية المعطيات الشخصية خاصةً والحقوق الرقمية عامةً، وبالتالي المساهمة في وضع واعتماد إطار تشريعي يحمي الحقوق الأساسية للأفراد بما فيها تشريع خاص بحماية المعطيات الشخصية.
قراءة في مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية وأهمية تمريره في البرلمان:
ركّزت جلسة النقاش الأولى على كيفية الاستفادة من مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية المقترح على المستوى الفردي و العام. وأشار برونو جينكاريلي، رئيس وحدة تدفق وحماية المعطيات الشخصية في المفوضية الأوروبية، إلى أنه منذ أن أثبتت تونس أنها رائدة وقائدة في القضايا المهمة على صعيد إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تنتظر دول أخرى بفارغ الصبر اعتماد وتمرير تونس للقانون الحديث المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. وأضاف أنّ اعتماد وتمرير مثل هذا القانون سيمثل مساهمة عالمية مهمة في تطوير معيار دولي لحماية البيانات في تونس.
كما أكد شوقي قداس, رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، على الحاجة الملحة لتحديث هذا القانون نظراً للتغيرات الاجتماعية والتكنولوجية المختلفة التي مرت بها تونس بشكل خاص وباقي الدول بشكل عام. وأشار إلى حقيقة أن القانون الحالي، الذي تم المصادقة عليه سنة 2004، يعكس السياق السياسي الذي نشأ منه – أي النظام الاستبدادي السابق الذي لا يحترم حقوق الإنسان – وأبرز الحاجة إلى قانون جديد يتوافق مع البيئة الحالية. حيث اعتبر قدّاس، أنّ القانون الجديد يشكل أمراً بالغ الأهمية بخصوص رفع وتطوير الوعي الثقافي حول حماية المعطيات الشخصية في المجتمع التونسي.
هل يمثل مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية تهديداً لحق النفاذ إلى المعلومة؟
في جلسة النقاش الثانية، طرح المتحدثون الفرق بين المعطيات الشخصية والخاصة و بين المعلومات العامة، مسلّطين الضوء على حقيقة أن الحق في النفاذ إلى المعلومة والحق في الخصوصية يمكن أن يتم التوافق بينهما، إذ أنّ كلاهما يشكّلان وجهين لعملة واحدة. وهو ما أكده رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة، السّيد عماد الحزقي، حيث أشار إلى الحاجة الماسّة لتحقيق التوازن بين كلٍ حماية المعطيات الشخصية وضمان الحق النفاذ إلى المعلومة، والتي تضمنها وكفلها الفصل 32 من الدستور التونسي. وأضاف الحزقي أن الحق في النفاذ إلى المعلومة يعدّ أمراً أساسياً لتحقيق الديموقراطية، لأنه يجسد مبدأ الشفافية والمساءلة والمشاركة المدنية. وأضافت سوسن الشاهد الممثلة عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أن النّقابة تثمنُ المجهود المجتمعي في الوصول إلى قانون أساسي متعلق بالنفاذ إلى المعلومة يعتبر رقم 11 من نوعه في العالم، والذي سوف يساعد على تأسيس صحافة ذات جودة، كما من شأنه أن يمّكن المواطنين من الحصول على قدر كبير من الوثائق الإدارية، التي تساعده على مراقبة السياسات الحكومية.
حوصلة وجمع النقاط التي تم نقشها سابقاً بين حماية المعطيات الشخصية والنفاذ إلى المعلومة
أتاحت جلسة النقاش الثالثة الفرصة للمتحدثين النظر في القضايا المتعلقة بكلا الحقين: حق حماية المعطيات الشخصية والحق في النفاذ إلى المعلومة. حيث ذكر إسماعيل بن خليفة من جمعية أنا يقظ أن هناك التزام واضح في إطار التشريع بتأييد الحقوق الأساسية، لا سيما الحق في النفاذ إلى المعلومة. كما وفرت جلسة النقاش مساحة للنظر في هذه القضايا من خلال عدسة مقارنة، مع الأخذ في الاعتبار آلية التشاور في الدول ذات التشريعات المماثلة، في الولايات المتحدة على سبيل المثال. وقد تم تعزيز الحوار بشكل كبير من خلال مساهمات الحاضرين الذين تمكنوا من التشاور بشكل مباشر مع الخبراء وطرح أسئلة محددة حول كيفية المضي قدمًا في حماية البيانات في تونس.
ثم اضافت وفاء بن حسين مديرة فرع أكساس ناو للشرق الأوسط و شمال إفريقيا أن “حماية المعطيات الشخصية مهمة لكل تونسي، خاصة في الوقت الحاضر مع كل ما يحدث في جميع أنحاء العالم من تسريب البيانات والاختراقات. إذ انّ غالبية الأفراد أصبحوا ينشطون على مواقع التواصل الإجتماعي الأمر الذي يجعلهم أكثر عُرضة للتّجسس وبالتالي فإن خصوصيتهم معرّضة للانتهاك بنسبة أكبر، لذلك نأمل أن تتبنى تونس التشريعات الصحيحة لحماية مستخدمي الإنترنت المعرضين للخطر.”
أكساس ناو ستواصل في تعزيز ثقافة المساعدة في بناء وتعزيز مجتمع يعمل فيه الأفراد من أجل الدفاع عن الحقوق الرقمية في تونس. كما أنّنا على ثقة بأن مختلف أصحاب المصلحة سيعملون معاً خلال الأشهر القليلة القادمة، لضمان تمرير مشروع قانون حماية المعطيات الشخصية والمصادقة عليه في البرلمان مع الحرص على توضيح الإشكالات ذات الصلة بين المعطيات الشخصية والمعلومات العامة.
صوتك في RightsCon Tunis 2019
يؤكد نجاح هذا الحدث على أهمية موضوع حماية المعطيات الشخصية والحق في النفاذ إلى المعلومة في تونس وخارجها. في العام المقبل، ستكون تونس موطنًا لـ RightsCon منتدى أكساس ناو السنوي لحقوق الإنسان في العصر الرقمي الذي يتم تنظيمه للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ندعوك للمساعدة في بناء برنامج هذا المنتدى من خلال تقديم جلسة في “دعوة لتقديم مقترحات” (ملاحظة: يمكنك تقديم اقتراحك بالفرنسية و / أو العربية!).